ﻣﻦ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
Аннотация
ليس هناك من مراء في كون القرآن الكريم داعيًا إلى التعايش الإيجابي السليم بين بني البشر جميعًا، على اختلافهم في أصولهم وأعراقهم وانتماءاتهم الجغرافية وأصولهم التاريخية وتوجهاتهم الفكرية والثقافية، وقد تكررت منه دعوته إلى الدخول في السلم للناس كافة، وحثه الناس على الحوار والنقاش في موارد اختلافاتهم؛ كيلا يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف. واللافت للنظر هنا هو عدم اقتصار القرآن على هذه الدعوة في إطارها العام وحده، بل لقد تخطاها إلى إبراز مجموعة من الركائز المهمة التي من شأنها إن أخذ الناس بها وأعطوها حق الاهتمام بها أن تحقق هذا التعايش تحقيقا عمليا في الواقع الخارجي، وأن ترسخه في الحياة الاجتماعية ترسيخا يصمد أمام كل التحديات والأخطار التي يمكن أن تتهدده. إن هذه الدراسة تسعى إلى الوقوف على أهم تلكم الركائز التي أبرزها القرآن الكريم، محاولة قراءة الآيات الكريمة التي وردت فيها؛ لأجل تتبع أبعادها الحقيقية مثلما شرحتها التفاسير الإسلامية، علها تسهم بهذا في إضاءة الموقف القرآني من هذه القضية المهمة. لقد انطلق القرآن من منطلق التكريم الإلهي لبني آدم جميعًا، ولا يمكن لهذا التكريم أن يلتئم مع الإساءة لأي منهم، ولا مع التعدي على حقوقهم وكراماتهم، فضلا عن محاولة السيطرة على أفكارهم واستلاب حرياتهم، لكن هذا ينبغي أن يفهم ضمن الخطوط العامة التي يتحدد بها المنظور القرآني للفرد والمجتمع والفهم الخاص لقيمة الحياة الإنسانية وأبعادها الحضارية المتنوعة. إن مشكلة كثير من الاتهامات التي وجهت للإسلام في حقيقة نظرته إلى التعايش أنها لم تنطلق من فهم دقيق لما حملته الآيات القرآنية من أفكار وتوجيهات، بل اقتصرت على الوقوف على بعض الآراء العقدية والفقهية التي قد لا تكون محل اتفاق علماء الإسلام في كثير من الأحيان، كما قد تنطلق من فهم تجزيئي سطحي لبعض النصوص المروية أو بعض الأحداث التاريخية المنقولة في بعض المصادر. وهذا مخالف، في الواقع للروح المنهجية التي تتحرى الحقيقة انطلاقا من المصدر الأساس للإسلام، وهو كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والحمد لله أولا وآخرا.